10‏/02‏/2008

مقامة الحب المرير





حدثنا مفجوع الزمان الجوعاني ، وهو من ضحايا القمع المجاني ، فقال :كنت مارَّا على الشاطئ قرب البحــرِ ، فإذا أنا بشاب في مقتبل العمرِ ، يجلس مختبئا بين الصخرِ ، وبقربه فتاة ضمها على الصدرِ ، فأخذ يقبلها في غمرة من السرورْ ، وهي تبادله نفس الشعورْ ، فاقتربت بخطايا نحوهمــــــــــــــَا ، فعرفا أن بصري يرقبهمــَـا ، فجلسا سويا القرفصاءْ ، ونظرا مليا إلى السماءْ ، فبادرتهما بالسلامْ ، وقلت مفتتحا بأدب الكرامْ ، :
" لا خير في الدنيا إذا ذهب الحيــاء** إذا لم تستحي فاصنع ما تشـاء "
ـ يا بني : إن الدنيا حلوة خضِـرَهْ ، وإن العشق فيها أمر نكــرهْ ، والعرف بذلك جارِي ، والدين على ذلك سارِي ، والإختباء بين الصخرِ ، فعل في غاية السخرِ ، والله لكما مراقبْ ، وهو حتما عليكما غاضبْ ، ثم إعلم أن الحلال بيِّـــنْ ، والحرام بيِّـــنْ ، وكلاهما أمر ليــِّنْ ، فاتقي الله ذا الجلال والإكرامْ ، وابحث لنفسك عن الحلال بمنأى عن الحرامْ ، واظفر بذات الدين تربت يداكْ ، فهذي وصية نبيك ومولاكْ ....
فقال الشاب في أدبٍ ، وكله مني عجب في عجبٍ ، :
" نون الهوى من الهوان مسروقة **فإذا هويت فقد لقيت هوانــا "
ـ صدقت في قولك وإن لم تهوَى ، ولكل جواد كبوَهْ ، ... صدقت وإن كانت كلماتك ليس لها إلى قلبي فجوَهْ ، :
إن الأمر وما فيه أيها الشريفْ ، أنني أحببت والحب شريفْ ، لكنني وجدت نفسي على الرصيفْ ، معدوم الخبز والرغيفْ ، كثير الجراح والتعنيفْ ، وأنا مجاز وهي مجازهْ ، وحبي إلى قلبها ـ في الجامعة ـ مرَّ واجتازَ ، فلا ضرر و لا ضرارْ ، حين نختلي بين الصخر والأشجارْ ، ما دام الزواج لن يتم إلا بعد مشيب الأعمارْ ، وأنا أيها الشيخ الكهلْ ، صعب علي الحلال السهلْ ، في زمن يستهان فيه بالعقولْ ، وتعالج فيه القضايا بالكحولْ ، فإذا ما تكلمت عن الحق والمعقولْ ، فأنت إما قاتل وإما مقتولْ ، وقد ولت طبيعة عيش الر سولْ ، ومضى زمن الفاروق والسيف المسلولْ ، فصرتَ ترى العجب العجابْ ، لما تولى أمورنا شرار الذئابْ ، فهذي شركة " النجاةْ " ، بعنا لها الدم لنشتري الحياةْ ، فرحلت عنا دون أدنى التفاتْ ، وهيهات أن تعود هيهاتْ ، ومستحيل أن نرجع الذي ماتْ .
قال مفجوع الزمان الجوعاني : ... فوليت الدبر مقتنعا متخشــَّـــعَا ، وعاهدت نفسي ألا أكون في الحكم متسرِّعــَا ، حتى إذا ما اقتربت من باب الدارْ وجدت إبني يعانق ابنة الجارْ ، مع سبق الترصد والإصرارْ ، فقلت لنفسي موبخا نفسي في استنكارْ :
لا تنه عن خلق يآتيه إبنــــــكَ **وانصح من الناس من يقـْرُبُهُ سنــُّـــك َ
قد تـُهت حتى تاه عنك فــنــُّكَ **فالزمِ الصبر كي لا تـُفقـَدَ عينـُــــــــكَ

ليست هناك تعليقات: