09‏/07‏/2008

عفوا يا أصحاب الهمة الخاوية !!!



الحركة لكل الديموقراطيين حركة مغربية متنوعة الهوية والمشارب ، باتت أشهر من نار على علم بفضل العلاقة الوطيدة التي تربط مؤسسها وزعيمها فؤاد عالي الهمة بمحيط القصر الملكي ، وتهافت من لا مكان له في مستقبل الخريطة السياسية للمغرب على أبوابها المشرعة يمينا ويسارا وعلى موائدها الزاخرة بكل ما تطيب له الأنفس وترتاح له الأنفاس . وهي حركة تهدف بحسب تصريحات أعضائها إلى إعادة ثقة الشعب بالنخب وزرع وعي سياسي جديد يقوم على تحصين وتقوية ما راكمه المغرب من مكتسبات في مجال الديموقراطية والحداثة وحقوق الإنسان ، ويلتزم بالقضايا الكبرى للوطن والمواطنين ، ويتجاوز واقع السلبية والإنحطاط من خلال مواجهة الفساد والمفسدين والتصدي لكل مستفيد من عملية الرجوع بالوطن إلى سنوات الرصاص وعهود الإستبداد .
وإذا كان مهندس الحركة والتابعون له ، والمصفقون عليه ، والمنضوون تحت لوائه لا يملون من تكرار أسطوانة القيمة المضافة التي ستصقل بها حركتهم الجديدة المشهد السياسي المغربي ، ولا يتنافسون إلا على إعلاء شأنها وإبراز أهميتها في الوقت الحاضر وفي مستقبل الأيام القادمة ، ولا يمسهم سوء أو يعتريهم حرج من عزف ترانيم الديموقراطية والحداثة والأصالة والمعاصرة بعيدان الحروف المكونة للشق الثاني من إسم الحركة ، فإن ما جرى في سيدي إيفني من أحداث ووقائع وانتهاكات لحقوق الإنسان وخروقات للقانون فيما أضحى يعرف بــ السبت الأسود في المغرب ، كشف النقاب عن حقيقة هذه الحركة ، وأماط اللثام عن مصداقية الشعارات التي ترفعها وأزال الجدية عن الأهداف التي تتغنى بها ، وأثبت بالواضح الملموس صدق ما يقال عنها في السر كما في العلن من كونها ورقة مخزنية جديدة يلعب بها المخزن لعبته القديمة المتمثلة في التغطية على مساوئه المتعددة بصرف نظر الشعب عن جبروت النظام المتحكم فيه ، وإلهائه عن مشاكله اليومية وقضاياه المصيرية بخلق اهتمامات جانبية توحي بأن الأمور على أحسن ما يرام ، وتوهم من يبحث عن الحقيقة بأنه ثمة في البلد ديموقراطية يجب التصفيق عليها بحرارة .
إن حركة موجهة لكل الديموقراطيين كان من الواجب عليها أمام ما حدث من مجازر رهيبة في سيدي إيفني أن تصدر بيانا تنديديا بما وقع ، وأن تتبرأ من المخزن وطرقه الفريدة في معالجة المطالب الشعبية ، و أن تقوم ــ وذلك أضعف الإيمان ــ بزيارة تضامن ومواساة للمعطوبين والمجروحين والمغتصبات والمعذبات والمكتوين والمكتويات بنيران الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع لتبين بحق أن شعار القرب من المواطن هو شعار حقيقي يتجاوز حدود الأفواه ليفك القيود والأغلال الموضوعة على رقاب وأعناق وأيدي المواطنين .
إن من يرقص لا يخفي وجهه ، والشمس لا يمكن إخفاؤها بغربال ، هكذا علمتنا الدنيا ، ودنيا السياسة في المغرب قاسية لا ترحم ، فالذي يريد أن يسوس المغاربة عليه أن يدرك أن شعب قولوا العام زين قد وعى واستوعب الدروس جيدا ، فلا الإنتخابات الصورية تحرك فيه ساكنا ، ولا الأحزاب التي وصلت إلى سن اليأس تبعث فيه أملا ، ولا الحركات البلهاء تدفعه للوثوق بالشعارات المرفوعة إلى عنان السماء، ولا العصي المكدسة في غياهب المخافر والدروب السلطوية تنفع معه إذا ما ثارت ثائرته وحاول حكم نفسه بنفسه .
إنه شعب بدأ يخرج من رحم الخوف والتخويف قويا ، ومن ظلمة الصمت ناطقا بقومة على الطغيان ، ومن جدران الظلم كاسرا ومكسرا للطوق المفروض عليه ، ومن ربق المخزن مؤمنا بأن الكرامة لا ينبغي أن تداس أطرافها بسياسة التجويع والتفقير والتركيع ، ومن حكمة الوقائع مقتنعا بأن له حق في الوطن الذي يعيش فيه ، وأن القبة ما لم تعدل نصوص الدستور المتحكم فيها ستبقى بعيدة كل البعد عن تمثيله والنيابة عنه والنطق بحاله وأحواله ....
إنه شعب جديد يبحث عن همة حقيقية تقوده لتحقيق مطالبه وتسهر على أمنه وترعى مصالحه وتسعى للرقي به في شتى المجالات ، همة توفر له الغذاء والكساء والدواء ، وتعينه على نوائب الدهر ، وتحميه من شر التقلبات السياسية والإقتصادية ، همة تنسى قربها من القصور ، وتبتعد عن سياسة الحرباء ، وتفني ذاتها في خدمة الشعب لا في خدمة صاحبها ومولاها .
فعفوا يا أصحاب الهمة العالية ...
ما عاد هذا الشعب كما تظنون
وما عادت رياحه تجري بما تشتهيه سفنكم وأنفسكم .

22‏/06‏/2008

طي صفحة الحاضــــــر !!!





عديدة هي الشعارات والعبارات التي تتلى في المحافل والندوات والملتقيات والمؤتمرات الرسمية التي تنظمها السلطات المغربية لتزيين وجه المغرب في الداخل والخارج وتلميعه وتجميله أمام أعين المراقبين والنقاد والمهتمين بشؤون هذا البلد العزيز ، فمن شعار العهد الجديد الذي أطرب الآذان حينا من الدهر بأسطواناته التي مل من سماعها الكبير والصغير على حد سواء ، إلى شعار المفهوم الجديد للسلطة الذي خول كل السلطات القديمة والجديدة للعصي المنجورة وغير المنجورة ، إلى شعار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تعرف معنا فيها العالم على سكان المراحيض ، إلى شعار مقومات المواطنة الذي محى من على المواطن صبغة المواطنة ما لم يشارك في مسرحية هابطة إسمها الإنتخابات التشريعية ، إلى شعار محاربة إقتصاد الريع وتخليق الحياة السياسية والإجتماعية ، وغير ذلك من الشعارات الغليظة العريضة الفضفاضة كثير لا يعد ولا يحصى ... ويبقى أعظم وأبرز وأثقل شعار يرفع في دولتنا منذ اعتلاء ملك الفقراء ــ وهو شعار آخر من شعارات السلطة ــ لعرش أسلافه هو شعار القطيعة مع الماضي وخلق حاضر لا يمت إليه بصلة ولا يرجع إليه في سياسة أو إستنباط أو تشبيه أو محاكاة ، وهو شعار ظل حماة العهد الجديد يرددونه على مسامعنا صباح مساء ويحاولون بما أوتوا من نوادر الكلم وحرف الإبداع وفنون التواصل إدخاله إلى أعماق أعماقنا بالرضى تارة وبالجبر والقوة تارة أخرى في محاولة منهم لإقناعنا بأن عهد العصا والزرواطة وتازمامارت ودرب مولاي الشريف ودار البقري وليالي الإختطاف والجلوس على القارورات والكي بالنيران وهتك الأعراض وهلم جرا من أدوات التعذيب اللاإنسانية قد ولى بدون رجعة وانصرف إلى خانات النسيان وحيز الأفول . لكن نظرة واحدة إلى الواقع بعين المقارنة بين الحاضر والماضي توحي بأن دار لقمان لا تزال على حالها ، فلا شيئ يذكر غير القمع والردع والإختطاف والإغتصاب والسرقة والعبث بكل ما هو داخل ومصنف ضمن مصلحة الشعب ، هذا الشعب الذي أعاد للحاضر ثورات الماضي في صور أشد وأبلغ مما كانت عليه وفي تحركات وخرجات عفوية سلمية تؤطرها لقمة الخبز وتؤججها نيران الغلاء في كل شيئ وتحركها الحاجة لكل ما يلزم لمقومات حياة إنسانية تليق به كشعب ينتمي إلى طينة البشر ، ولعل الأحداث الأخيرة بـ سيدي إيفني وما رافقها من ديموقراطية مكشوفة للعيان وقانون مطبق على وجه التمام والكمال ، تكشف لكل من ألقى السمع وهو شهيد مصداقية القطيعة مع سنوات الرصاص ، هذه القطيعة ستستدعي حتما من رجال الحسن الثالت في المستقبل إنشاء هيأة جديدة تقوم مقام لجنة الإنصاف والمصالحة التي خلقت لإصلاح ما أفسده جلادوا وعطاروا الحسن الثاني وإنصاف ضحايا عهده البائد ، الأمر الذي يعني أن ميزانية هذه الدولة ستظل حبيسة الإنفاق على ضحايا سياسة الكيل بمكيالين ورد الصاع بصاعين .
إن ما وقع في سيدي إيفني بين بالواضح الملموس أن عهد أوفقير و الدليمي و البصري حي فينا وإن مات أصحابه وصانعوه ، وأن جدران دار سيدي التهامي ما زالت تتربع على عروش من دم مسفوك وجماجم لمظلومين فقدت هويتهم مع فقدانهم لخوفهم من مغبة الخروج إلى الشوارع والتظاهر بطريقة سلمية حضارية على تهميش ما كان ليطالهم وسكان قريتهم أو مدينتهم لولا سوء التدبير الذي صار عندنا أصلا في كل المجالات .
إن شعار القطيعة مع العهد الماضي شعار جميل رنان كنا سنصدقه وندعمه وندافع عنه ونسير صفا واحدا خلفه ونغض الطرف عن بعض الصعوبات والعراقيل التي قد تحول دون تحقيقه على أرض الواقع لولا أن مبتكروه وحاملوه والمصفقون له والمفتخرون به إعتمدوا في قطيعتهم التاريخيه على الأشكال والأشخاص فقط دون أن يقطعوا حبل المودة بينهم وبين العقلية المخزنية التي تحكمت في ظلال ومسيرة ذلك العهد . ، وبعبارة أخرى إنه إذا أردنا بناء مستقبل مشرق ينأى بنا عن منازل ومراتب الدرك الأسفل في كل القطاعات والمجالات فإنه يلزمنا طي صفحة الحاضر المكتوبة بمداد دموي يخط السطور بعقلية قديمة تنظر إلى الشعب نظرة دونية وترى في العنف والقمع وقاية من كل الأزمات وعلاجا لكل الثورات .
هذا الطي المطلوب اليوم قبل الغد يقتضي من أصحاب القرار عزيمة قوية وإرادة صلبة وجرأة تغيرية تقوم على مبدإ التشاور مع الفضلاء والشرفاء حول مصلحة الوطن ، وتحقن نفسها بحقن العدالة والمساواة والحرية والإنصاف ورد الحقوق لمن هو أهل لها ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتسييس الناس بالحلم والرفق واللين والحوار الهادف والمجادلة الحسنة وغير ذلك مما هو متفق عليه في أسس الديموقراطية ومنظومة الحقوق الإنسانية ، أما اعتماد سياسة النسخ واللصق بين عهدين ، وطي صفحة الماضي بفتح صفحات جديدة أنكى وأمر ومعالجة مشكلة بخلق مشكلات ، وحل أزمة بالبحث عن أزمات أخرى ، فلن ينتج لنا إلا أحداثا ووقائع تكون فيها سيدي إيفني مجرد نقطة ماء في بحر هائج .
.... ولحماة العهدين واسع النظر ...

05‏/06‏/2008

أغبـــــــــــــى الأغـــــبـــياء !!! بقلم : محمد ملوك

من مقامات مفجوع الزمان الجوعاني :

أغبـــــــــــــى الأغـــــبـــياء !!!


حدثنا مفجوع الزمان الجوعاني ، وهو من ضحايا القمع المجاني ، فقال : على هذه الأرض وبين أزقة هذا البلدْ ، كنت كلما اكتويت بنيران الفقر والغدر والنكدْ ، وتعبت من تعب الروح والجسدْ ، ويئست من شعارات القطيعة مع الماضِي ، وتعجبت من حكم الجلاد والقاضِي، وتساءلت هل الكل على ما يجري راضِي ، أخرج للبحث عن خلي ابن أبي الرعايهْ ، صاحب الألف حكاية وحكايهْ ، لأطفئ بما لديه لوعة غريبة للغايهْ ، وهكذا ومباشرة بعد تساقط العمارات على الرؤوسْ ، واصطدام المقابر الجماعية المخفية بالمعاول والفؤوسْ ، وإحراق المصانع للعمال بنيران الإستغلال المنحوسْ ، وفشل الحوار مع الحركات الإحتجاجيهْ ، وسطوع نجم الهمم الإنتهازيهْ ، وأفول نجوم الحق والعدالة والكرامة والديموقراطيهْ ، خرجت في ليلة تعج بخفافيش الظلامْ ، للبحث عن صديقي المتفائل على الدوامْ ، فوجدته بعد طول استفسار واستعلامْ ، بالقرب من درب البؤساءْ ، يحكي للناس عن عاقبة الظلم وما لصاحبه من جزاءْ ، ويسلي همومهم بما تيسر لديه من أخبار وأنباءْ ، وبعد أخذ ورد في الكلامْ ، إقترح الصاحب على من حوله من العوامْ ، إختيار أغبى الأغبياء في هذه الدنيا الغادرة بذوي الأحلامْ ، فاختار كل واحد من الحاضرينْ ، بعد إحضار الدليل والبرهان المكينْ ، شخصية تدل على ما لصاحبها من غباء متينْ ، ولما وصل الدور إلى ابن أبي الرعايهْ ، صلى على النبي محمد في البدايهْ ، ثم قال بعيدا عن أساليب المجاز والكنايهْ ، : << إن أغبى الأغبياء في هذه الدنيَا ، هو من يظن نفسه في المرتبة العليَا ، ومنزلته بين الناس هي الدنيَا ، لا ينظر في العواقبْ ، ولا يميز بين الفوائد والمصائبْ ، ولا يهمه إلا الإنتفاخ والكذب على الأجانبْ ، وهذه وتلك وغير ذلك من الصفات المذمومة لا تحصَى ، صاحبها الحق عنده بالجبر يقصَى ، واسمه يا سادتي مخزن المغرب الأقصَى ، ...





نعم المخزن المغربي يا معشر الفقراءْ ، هو أغبى الأغبياءْ ، وأشقى الأشقياءْ ، في ذكاءه تظهر عين الغباوهْ ، وفي تحركاته تتجلى مظاهر الشقاوهْ ، وإليكم الدليل وكل دليل مضاد أستقبله بالترحاب والحفاوهْ ، . . .

هذه جماعة العدل والإحسانْ ، جماعة ربانية تدعو الناس في كل مكانْ ، إلى التوبة للرحيم الرحمانْ ، ، دستورها القرآنْ ، وقدوتها النبي العدنانْ ، ورأسمالها خصال تفتح أبواب الجنانْ ، ومجالس تنبت الياقوت والمرجانْ ، ورباطات تبعد المرابط عن خطوات الشيطانْ ، حوربت في الأمس بسياط العهد البائدْ ، وتحارب اليوم برصاص عهد حاقدْ ، ومابين العهدين يا أيها المصغي ويا أيها الناقدْ ، جرت مجازر ومقابرْ ، وحررت محاضر ودفاترْ ، وملئت سجون ومعتقلات ومخافرْ ، فتحملت الجماعة الواضحة المعالم والبنيانْ ، مرارة الحصار والظلم والبهتانْ ، وخرجت من كل الحملات المسعورة قوية الصفوف والأركانْ ، مما جعل الناس حولها يلتفونْ ، والخطـَّـاب نحو أبوابها يتسابقونْ ، والنقاد لأفكارها ولاءاتها ومشاريعها ومواقفها يناقشون ويحللونْ ، ... وتتجدد الحروب عليها في الربيع والصيف والخريف و الشتاءْ ، وتمنع من التواصل مع الآخر في السراء والضراءْ ، وتحرم رغم قانونيتها من أبسط الحقوق على وجه الغبراءْ ، وتزداد الحرب ضراوهْ ، ويسرف المخزن في حـُـقـَـنٍ الغباوهْ ، فتنظم العدل والإحسان أمام هذه " العداوهْ " ، أياما وأبوابا مفتوحة تعرف بها وبأفكارهَا ، وتكشف للناس عن أهدافها وأسرارهَا ، وتوضح طبيعة الروح السارية في أبنائها وأنصارهَا ، فتهافت الناس عليها من كل جانبْ ، وأحاطوا علما بما لديها من خير غالبْ ،واستبشروا بها خيرا وقالوا إن الإنتماء لها واجبْ ، فجماعة تحول البيوت إلى مساجدْ ، وتنير الطريق للشباب التائه بين المكر والمصائدْ ، وتنبه بكلمة الحق كل غافل وراقدْ ، وتريد الإصلاح لهذا الوطنْ ، وتنأى بنفسها عن براثين الخزي والفتنْ ، وتأتمر بالقرآن وتستن بالسننْ ،جماعة ـ في نظرهم ـ لا بد للإنسان أن ينتمي إلى محيطهَا ، ولا بد لكل عاقل أن يذوذ عن خطوطهَا ، ولا بد لكل غيور أن ينسج خيوطه بخيوطهَا ، ... وتصل أصداء الأبواب النورانية إلى المخزن الغبيّْ ، ليجند كل جندي ودركي وشرطيّْ ، وليصدر أمره الفوريْ ، بإحراق كتب ومجلات وأشرطة الجماعهْ ، وتشميع البيوت الفاتحة لأبواب رافضة للمجون والخلاعهْ ، والتنكيل بأنصار الحق في كل ساعهْ ، وياليت الأمر يقف عند هذا الغباء فقطْ ، فالكل يدرك والإدراك في بلدي قلما يُلتقــَطْ ، أن كل الحروف وجميع النقطْ ، لا تكفي لوصف ما وقع وما يقعْ ، فلم يستثني الغبي في حملته الشعواء الحوامل والرضعْ ، ولم يشفي غليله إعمار السجون بالعجائز والشيوخ الركعْ ، بل اختلط عليه أمر الحابل بأمر النابلْ ، وهداه غباؤه القاتلْ ، إلى فكرة تشويه سمعة كل مؤمن ومجاهد ومناضلْ ، فاتهِم أئمة العدل والإحسانْ ، بما يندى له جبين كل إنسانْ ، وزج بالرشيد الغلام الفنانْ ، في سجون البغي والظلم والطغيانْ ، بتهم يهتز لإفكها عرش الرحمانْ ، كما هدته أفكاره الجاهلة الخاسرهْ ، إلى ملاحقة أخوات الآخرهْ ، ومداهمة بيوتهن في صور إرهابية سافرهْ ، ليتبث بالدليل الملموسْ ، أن شعار تحرير المرأة من القهر وما يرادفه في القاموسْ ، ما هي إلا شعارات تحول حلم الواثق بها إلى كابوس وكابوسْ ، وأن أسطوانة العهد الجديدْ ، ماهي إلا أكذوبة لا يصدقها إلا هذا المخزن البليدْ ، وأن القطيعة مع الماضي القريب والبعيدْ ، ما هي إلا زلة لسان تقع في المحافل والمؤتمراتْ ، وأن الحقيقية المليئة بالمضحكات المبكياتْ ، هي أن أغبى الأغبياء بين كل الكائنات والمخلوقاتْ ، هو هذا المخزن الذي تسلح بسلاح الخبث والقمعْ ، ظنا منه أن ذلك يجلب له الطاعة وحسن السمعْ ، ويعود عليه بالخير والنفعْ ، والحال أنه لو لم يكن غبيا إلى أبعد الحدودْ ، لعلم أنه قتِل أصحاب الأخدودْ ، وأن الذين يفتنون المؤمنين والمؤمنات وهم على ما يفعلون شهودْ ، لهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريقْ ، وأن الأرض لا يرثها دعاة الجبر والجمر والحصار والتضييقْ ، ولكن يرثها عباد الله الصالحين الصابرين على مشاق الطريقْ ، . . . ولو لم يكن غبيا بما للكلمة من معان ودلالاتْ ، لاستخلص الدروس والعبر والعظاتْ ، من حصار مشركي قريش لخير الدعواتْ ، ولأدرك أن القمع يفنى وتبقى البيوت الأرقميهْ ، وأن النصر كان وسيظل حليف المجالس النبويهْ ، وأن الطغاة مصيرهم مزبلة تاريخ منسيهْ ، ... ولو أنه كان يعرف للذكاء معنــَى ، لعلم أن السجون التي تشيد لحصار الجماعة وتبنــَـى ، ستتحول قبل أن تموت فيها الأجساد وتفنـــَـى ، إلى مدارس لحفظ ومدارسة التنزيلْ ، ومحاضن يذكر فيها الجبار الجليلْ ، ومحطات للإستعداد ليوم الرحيلْ ، ولو أنه كان ذكيا يستشير الأذكياءْ ، لوفـَّـر كل الملايين التي خسرها في الحملة الشعواءْ ، ولاستثمرها في تنمية بشرية يتغنى بحروفها صباح مساءْ ، ولوفر على نفسه عناء الفضيحهْ ، ولأدرك بجد أن مجالس الذكر والنصيحهْ ، مجالس تخدم مصلحة الشعب والوطن بصورة صحيحهْ ، ... ولو أنه لم يكن غبيا بفكره وجنده ورجالهْ ، لرأى مدى تخبطه في الحملة وارتجالهْ ، ولوجَّه كل جيوشه وحيله وحبالهْ ، نحو محاربة الجريمة المتنامية بشكل خطيرْ ، ولفك لغز الهجرة السرية نحو الغرب المريرْ ، ولدق ناقوس الخطر حول مشاكل البطالة والتعليم وما لهما من تأثيرْ ، ... ولو أنه كان ذكيا لفتح أبواب الحوار أمام الجماعهْ ، ولأيقن أن دولة الباطل لا تزيد عن ساعهْ ، وأن دولة الحق ماكثة إلى قيام الساعهْ ، وأن الخلاص من الأزمات المغرقة لسفينتهْ ، يكمن في التخلص من الغباء الملازم لعلانيته وسريرتهْ ، وإشاعة روح العدل والشورى في جزيرتهْ ، ورد الحقوق للمظلومينْ ، وترك حرية الإختيار ـ في كل شيئ ـ للمواطنينْ ، والسير بسيرة الأنبياء والخلفاء الراشدين والصالحينْ ، ... لكنه يا سادتي غبي في الغباوة ينعـمْ ، وهو غداة الغد حتما سينــــدمْ ، واللبيب من بالإشارة يفهــــــــــــمْ >> .

صورتان وتعليق ...

The

The


الصورة الأولى لطفل فلسطيني من أبناء المسجد الأقصى
والصورة اللاحقة لطفل من أبناء المغرب الأقصى
الأول يمارس عليه القمع من قبل جنود لا رحمة في قلوبهم
والثاني مورس عليه القمع من طرف عميد شرطة كان من المفروض أن يسهر على حماية أمن الطفل المقموع فإذا به يتحول في بلد النفوذ والسلطات المخولة لمن لا أخلاق له إلى جلاد لا يميز بين كبير أو صغير ، ولا يفرق بين مجرم ورضيع ، ولا يعرف البون بين مذنب وبريئ .
الصورتان غنيتان عن التعليق ، لكن إيمان منا بإن الحق يؤخد ولا يعطى نريد مزيدا من التعليقات حتى نأخذ بحق بلال من العميد وما ذلك عند الله بعزيز
تحية لا تعرف القيود


01‏/06‏/2008

أصداء الحملة التي أطلقها إتحاد المدونين المغاربة للتضامن مع المعطلين في المغرب

نشرت عشرات المدونات والمنتديات العالمية أخبار الحملة، كما تصدرت عدد منها صور لافتة الحملة المعتمدة وغيرها من الصور التي أبدعها مشاركون في الحملة، نقتصر في هذه العجالة على رصد أهم ما تم نشره، في مواقع عدد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية حول حملة تضامن المدونين مع الأطر العليا المعطلة:

صحيفة "الجريدة" عدد 20 ماي 2008:

آهات المعطلين المغاربة

تغطية خاصة لحملة تضامن المدونين مع الأطر العليا المعطلة
ولمظاهرات الشباب المغاربة المعطلين عن العمل

تقديم: عادل الإقليعي- موقع إسلام اون لاين

التاريخ: 24 جمادى الأولى 1429هـ - 29/5/2008م

وْجـــــوهْ المْحــَــــاكــَّـــــــــــة




جرس الساعة يرن، منبه الهاتف يرن، زوجته هي الأخرى ترن، الكل يرن في تلك الساعة المبكرة من ذلك اليوم الربيعي الجميل، والكل عازم على إيقاظه من نومه العميق، فالوعد الذي قطعه على نفسه وأسكتهم به يجب أن ينـفـَّـذ وإلا فبركان الصمت سيقذفه بحمم اللوم وشظايا العتاب.

كان قد وعدهم بتخصيص أيام عطلته القصيرة لهم وحدهم دون غيرهم، فسطر لأجل ذلك برنامجا حافلا بالأنشطة المتنوعة واختار رفقة زوجته الفتية أماكن خاصة لقضاء أول فسحة لهما بمعية أسرته الصغيرة بعد أربع سنوات مرت على زواجهما.

أمه العجوز المتقوسة الظهر، وإخوته السبعة، وابنته الوحيدة، كل غنى على حسب هواه، وكل اقترح على مقربة منه ما بدى له أمرا مناسبا لتكسير أجواء الحزن والكآبة التي خيمت على منزلهم المهترئ الجدران منذ أن قضى الأب نحبه في حادث سير مريع.

يسكت الساعة بيده اليمنى، ويلغي ضبط منبه الهاتف باليسرى، ويأمر زوجته بالصمت لنصف ساعة فقط، ترفض الأمر وتعلن عن عصيان نسوي، يتأفف بعمق، ترد عليه بسحب الغطاء من فوقه، فيجلس القرفصاء بعينين ناعستين ومليئتين بعمش أضحى ملازما لهما منذ بدأ العمل كــ”كـُـورْتِي”في موقف سيارات الأجرة بباب شالة.

يحدق في رجليه المتورمتين وفي الحناء الذي يرصع أسفل قدميه، فيلعن اليوم الذي تعرف فيه على”وجوهْ الْـمْــحـَاكـَّـة”بمدينة الرباط…

يحدق ويتأمل ويرجع بالذكريات إلى الوراء فيتذكر كيف كان مناضلا يقيم الدنيا ولا يقعدها بساحات جامعة محمد الخامس، نضال فرض عليه أن يتذوق ما لا يستلذ ولا يستطاب من العصي المخزنية المنجورة واللامنجورة،… يتذكر كيف طرده أبوه من المنزل مباشرة بعد رجوعه من مخفر شرطة احتجز فيه رفقة المجرمين لأسبوعين كاملين نتيجة خوضه لإعتصام مفتوح داخل كلية الآداب لإجبار عميدها المتعنت على الحوار معه حول المشاكل الطلابية، ويتذكر كيف سعت أمه لإبعاده عن السياسة وما جاورها عبر تخييرها له بين سخطها ورضاها، وكيف كُسِّرت رجلاه في وقفة إحتجاجية، وكيف رفضت إدارة المستشفى استقباله وهو في غيبوبة تامة بعد تلقيها بصدر رحب أوامر مدير الأمن الإقليمي هناك، وكيف أصبح عاملا في مجال البناء يحمل على كتفيه أكياسا ثقيلة بالرمل والحجارة و”الكياص”عقب تخرجه وحصوله على الإجازة بميزة حسنة جدا.

يقطع حبل الذكريات بيديه الخشنتين، وينظر في الأصابع التي أمره الطبيب بإبعادها عن رائحة الإسمنت إن هو أراد شفاءها من داء”الكزيما”فيترحم على حرفة ترابها لا يعمي ونقودها لا تغني ويلعن اليوم الذي التقى فيه بـــ”وجوهْ المْحاكــَّة”.

يستلقي على ظهره ويحاول جر الغطاء نحوه من جديد فتصارعه زوجته من أجل ذلك مصراعة المدرب اللطيف وتتوسله أن يلعن الشيطان وينسى عياءه وخموله ولو ليوم واحد، وتقبله قبلة فقبلتين يحاول معهما أن يشتم عبير شفتيها كما كان يفعل أيام الخطوبة فيتذكر أنه مزكوم منذ أول لقاء له مع”وجوه المحاكة”.

“وجوه المحاكة”ألا لعنة الله عليهم في كل زمان ومكان… حتى فحولتي صاروا يجردونني منها… ها نحن قد قاربنا الشهرين ولا من جماع يذكر… حتى عصير”الأفوكا”لم يعد يجدي نفعا معي… كل يوم عياء وتعب، نكد في نكد، وكل يوم يمر وينقضي والجسد القوي ينهك، والشاب الطري يشيخ، واللياقة تضعف، والقوة الجنسية تفتر…

إيه وآه وأوه من حروف الأسى = والضعف والعجز في الأعماق قد عرَسا والله لولا عيال رضع، وإخوان”رتع”، وأم للخلق والخالق تركع، ما عدت لهذا الشغل أبدا….

تبتسم زوجته لكلامه ابتسامة المتفهم الحنون، وترد عليه في أدب أصيل:

الرجل بلا عمل كالنحل بلا عسل، وأنت تعلم أكثر من غيرك أننا في زمن الجمر والنار، زمن لا يرحم أولي الوظائف الكبرى، فمابالك بمن لا يشتغل أصلا، أو بمن تسول له نفسه الإنقطاع عن عمل يتمناه الغير ولا يجده… تعقل يا عبد الله ولا تكن ممن يأكلون الغلة ويسبون الملة….

أصغى بتضجر لنصيحتها وحاول لملمة قواه الجسدية، فباءت محاولاته بالفشل الذريع، واستسلم مرغما لنزوة من الذكريات والأحلام التي لطالما نسجت في أعماق جمجمته الشبيهة بخريطة جغرافية.

كان يحلم بمستقبل يكون فيه مدرسا”قد الدنيا”يعلم الطلبة ما معنى حب الله والوطن ويربيهم على الشهامة والشجاعة والمروءة ومكارم الأخلاق، فكان كلما وضع رأسه على وسادة ما يصحح للطلبة أخطاءهم، ويسألهم إن حفظوا درسه عن ظهر غيب، ويسائلهم بشرح ما فهموه عنه، ويعيد على مسامعهم قصائد الماضي وأخبار الحاضر وينير طريقهم نحو المستقبل بطريقة تنم عن وعي لا مسبوق في تاريخ المدرسين المغاربة والعرب. لكنه اليوم ما إن يضع رأسه على الوسادة المتسخة بلعابه في غرفة النوم حتى ينادي بأعلى صوته:

“بَّا الحسن”،”قريدة”،”18”،”حسن المشاكل”،”الدمدومة”،”152”،”الغرنوك”،”1215"،”وقف نتا”،”باقا نوبتك آآكحل الراس”،”وا الشـْـيافرْ راه واحد الشـْفـَّار بغا يسرق النوبة”،”واش ما كاينش شي راجل فيكم اللي وقفوا عندْ حْدّو”،”وإلى كنت راجل ومزغرتة عليك أمك خرجْ معايا ذراع أو حيد المْـضَـا”،”آرا الدرهم نتا”،”آرا بلاصة للتقدم بلاصة بلاصة”…

كانت محطة باب شالة بالرباط مقر عمله اليومي، وكانت هذه المحطة تنقسم إلى عدة محطات تقف بساحاتها سيارات الأجرة الوافدة من مدينة سلا ومن باقي أحياء العاصمة، وكان هو يشتغل في محطة التقدم \ اليوسفية وهي أخطر المحطات على الإطلاق بمدينة الرباط، فسائقو هذه المحطة نادرا ما تجد بينهم مثقفا يعي ماذي تعنيه كلمة التنظيم وحروف الإحترام، وزبناؤها يتوزعون حسب طبيعة أشغالهم اليومية، فالتجار يذهبون إلى حي اليوسفية المحتضن لسوق”القريعة”، ورجال الدرك الملكي وثلة من الموظفين والمياومين يقصدون سيارات الأجرة المتوجهة نحو المقاطعة الحضرية الثالتة عشر، و”المقرقبون”و”الشماكرية”وقطاع الطرق يستقلون طاكسيات”ميني بارك”للوصول بأقصى سرعة ممكنة إلى ضواحي قرية”عكراش”حيث تجار الخمرة والحشيش وباقي أنواع المخدرات لهم الكلمة الكبرى هناك….

كانت مهمته تتلخص في الحفاظ على نظام المحطة، وفك الصراعات الناشبة بين سائقيها، وتخليصها من اللصوص، سواء لصوص الجوار الذين بات يعرفهم من سيماهم، والذين حصلوا على الدكتوراه في تقطيع الجيوب بطريقة لا يقدر إبليس على حفظ قواعدها، أو لصوص المحطة المتيمين بالفوضى والمغرمين بسرقة”النوبة”للغير.

السيارات تصطف يمينا وشمالا، وفي مدخل المحطة يوجد رجلان يسجلان على أنقاض أوراق قدت جوانبها من علب السجائر الفارغة أرقام سيارات الأجرة الوالجة إلى المحطة، وفي منتصف شريط مليئ بسيارات المرسيدس القديمة والحديثة، وتحت شمس محرقة بالصيف، وغيوم ممطرة بالشتاء، يقف هو مناديا بما لصوته من قوة على كل من وصله الدور لحمل الركاب نحو وجهتهم المطلوبة.

من السادسة صباحا وإلى حدود السابعة مساء ينبح عليهم كما ينبح الكلب على الغريب، ومع مرور كل سائق بسيارته من أمامه يأخد منه درهما مقابل نباحه عليه وتمكينه من دوره على وجه التمام والكمال.

يتذكر أول يوم وطأت فيه قدماه أرض المحطة، خمسة شبان غلاظ شداد حاولوا أنذاك تهشيم عظام جسمه النحيل باعتباره دخيلا يريد قطع أرزاقهم وأرزاق عيالهم، تدخل أمين الحرفة وحذرهم من مغبة التعرض له بسوء، وهددهم بالطرد إن هم تربصوا به الدوائر، ونصحهم بالتعاون معه وعدم الإستهانة بقدراته الجسدية مادامت البعوضة تدمي مقلة الأسد وماداموا هم غير قادرين على ضبط نظام المحطة ولا آبهين بثقل المسؤولية الملقاة على أعناقهم.

توجسوا منه خيفة بادئ الأمر، إلا أن شطارته وحنكته في العمل وصرامته أمام اللصوص وذكاءه وغير ذلك فرض عليهم أن يجلوه ويوقروه ويستشيروه في الصغيرة والكبيرة.

تنظمت المحطة بفضله، وعلم السائقون بمستواه الدراسي فسألوه عن الحلال والحرام وباقي الأحكام، واستفسروه عن أفضل الوسائل وأسهلها لجلب محبة النساء، وعن أنسب الطرق لمضاجعتهن، وعن كيفية التعامل مع الحساب المانع للحمل، وعن رأيه في خطابات الملك وقرارات الوزراء، وضحايا”النجاة”، وأخبار سنوات الرصاص، وعن وجهة نظره في صراعات فتح وحماس، ومقتل صدام، وأسلحة إيران وووو، فكان يجيبهم بما يعلم فيما يعلم، وبـ << قل رب زدني علما >> فيما لا يعلم….، وتوفي أبوه على حين غرة من الدهر فوجد نفسه الوريث الوحيد لهموم ومشاكل أسرة تسودها البطالة من أخمص قدميها إلى أعلى أذنيها، ودخل في”جرجرة”المحاكم مع شركة التأمين بغية استخلاص دية أب عاش عيشة الذباب ومات ميتة البغال، ليخسر على طاولات المحاكم ومكاتب المحامين ومقاهي القضاة أكثر من ثلتي ما منحته له الشركة التأمينية.

يستيقظ من نزوة أحلامه وذكرياته على وقع أصوات زوجته وأمه وإخوته، فيلعن الدهر والمحاكم والدراسة والأحلام والمحطة و”وجوه المحاكة”، الكل يطالبه بتغيير ملابس النوم والإستعداد لتطبيق خطط إجازته القصيرة على أرض الواقع، يستجيب لهم على مضض، وينهض من فراشه تاركا خياله الواسع على وسادة الغرفة الضيقة، يدخل إلى مرحاض تنبعث منه رائحة تختنق من سحرها الأنفاس، يتوضأ، و يزيل بقايا بول تساقطت قطراته على سروال قديم، يسمع رنين الهاتف، تحمله له زوجته على جناح السرعة، يرد على المكالمة فتتغير ملامحه وتتزين بــ”عبس وتولى”.

تسأله الزوجة عن المتصل من يكون، فيرد عليها بتحسر شديد:

ــ إنه لحية الشيطان

:”صباح الله ما صباحو”، ما عساه يريد منك في هذا الصباح الباكر ؟؟؟

ـــ يقول إن باب شالة مقلوبة رأسا على عقب، وإنه علي التوجه دون تأخير لإعادة النظام إليها. : قل له أنك في إجازة، أولا يعلم ذلك، بالله عليك أرفض أمره

ــ لا لا لا أستطيع، إن عصيت أمره فلن تجدي ما به تذهبين إلى الحمام يوم غد، إنه الأمين يا زوجتي، هو من استخذمني هناك، وهو من طرد من قبلي في المهنة لمجرد أنه قال له لا في يوم من الأيام.

: أعلم أنه الأمين ولأنه الأمين فهو من يجب أن يضبط النظام لا أنت !!!

ــ إنه أمين على مصلحته وجيبه فقط.

……. تدمع عيناها، وتأبى تجهيز مائدة الإفطار، يتشاجر معها، يغلق باب الدار من خلفه، يصل إلى المحطة، يتصارع مع هذا، ويسب ذاك، ويلعن أم سائق لا يحب الإنضباط، ورويدا رويدا يعود الهدوء للمحطة وتشيع الطمأنينة والسكينة، وعلى الساعة السابعة مساء يقتسم حصة يومه مع باقي”الكورتية”، ثم يقف مع طابور المصطفين المنتظرين لسيارة أجرة تقلهم نحو حي التقدم ولسانه يردد في خلوة مع النفس:

كالكلب اللقيط أُمسي…
من الشغل الذي أَشتَغِلْ
أنسى جراحي و كل جرح بَعْدُ…
لم يَنْدَمِلْ
أسائل نفساً للبؤس و المرارة…
والحرمان… تَعْتَقِلْ
متى يا نَفْسُ نََـفـْسِـي…من دنيا الكآبة
سَتَنْتَقِلْ؟؟؟
متى يا نفس أو متى يا حَبْسُ
نَفْسِي عَنْ حَبْسِ نَفْـسِي
بَين الفأْسِ والبأْسِ
بين الفقر والقهر
و البؤْس…
ستقوم وتَرْتَحِلْ ؟؟؟

[1]

حواشي

[1]

ـــ الكـُـورْتِي: لقب يطلق في المغرب على الشخص المكلف بتسجيل أرقام سيارات الأجرة الوالجة إلى محطة ما، والكلمة تطلق في الفرنسية على السمسار، وأغلب”الكورتية”بالمغرب هم بطبيعة الحرفة سماسرة يسمسرون في قطاع سيارات الأجرة بمختلف أنواعها.

ــ الشيافر: السائقون ــ الشفار: اللص ـــ المقرقبون: المدمنون على حبوب الهلوسة ــــ الشماكرية: صنف من أصناف المساطيل بالمغرب ـــ النوبة: الدور ــ باب شالة: محطة مشهورة بمدينة الرباط.

12‏/02‏/2008

مقامة الثعالب والأرانب

حدثنا مفجوع الزمان الجوعاني ، وهو من ضحايا القمع المجاني ، فقال : """ كان بالمدينة فيما مضى ، مقهى تسمى بـ < الفضا > ، وكنت أزورها عن طيب خاطر ورضى ، كي أفر من أسئلة الإستنكارْ ، وأهرب من بطالة ساقتها إلي الأقدارْ ، وزادت من قسوتها ثلة من اليمين وثلة من اليسارْ ، ... وحدث ذات يوم من الأيامْ ، أن دخلت إلى هذه المقهى المليئة بذوي الأفهامْ ، فوجدت الناس فيها من الخلف ومن الأمامْ ، يحيطون برجل في مقتبل الأيامْ ، ويطلبون منه حكاية كحكايات < ألف لامْ > ، لكنه يصر على الرحيلْ ، بدعوى أنه سقيم عليلْ ، وأنه لا يقوى على الوقوف لوقت طويلْ ، ... فقلت لأحد أصحابِي ، : من هذا الرجل الرث الثيابِ ، الطويل الكعابِ ، ؟؟ ولماذا الناس به يحيطونْ ، ولحكاياته هم يطلبونْ ، وبحلقيته هم يرابطونْ ، ؟؟؟ فقال : << هذا ابن أبي الرعايَهْ ، صاحب الألف حكاية وحكايَهْ ، وهو شاعر وقصاص مسكينْ ، ولولا هذا الزمان الثخينْ ، لكان ابن أبي الرعايَهْ ، ملك له ألف ولاية وولايهْ ، >>... فلما انتهى صاحبي من الوصف الكاملْ ، أشرت على الغريب المتثاقلْ ، بأن قل ما أنت قائلْ ، واحكي لنا ومنا المقابلْ ، ... فسر وجهه وابتسمْ ، وقال : ** يرحم الله من فهمْ ، أقبلوا علي واسمعوا ، وتمعنوا في الكلام وتخشعوا ، : ... إنه لما أحاط بي التعب والأرقْ ، من كثرة الشغل والقلقْ ، قررت السفر بعيدا عن الهمومْ ، واخترت الإستجمام في مكان غير معلومْ ، حتى أنسى صداع المدينة المشؤومْ ، ... وهكذاأنخت الرحال بقفارموحشهْ ، وبدأت بتعداد الأيام المنعِشهْ ، فلما كان اليوم الخامسْ ، وبينما كان كل من في الخيمة راقد ناعسْ ، أردت كعادتي الجري في الظلام الدامسْ ، لتقوية عضلات جسم يابسْ ، فارتديت الملابس الرياضيهْ ، وخرجت للجري بنفس راضيهْ ، فلما شرعت في حركات القفز الهوائيهْ ، والتدرب على تقنيات الدورات المائيهْ ، تهافت إلى مسمعي كلام غريبْ ، ودبَّ إلى نفسي خوف مريبْ ، زاد من حدته صمت القفار المهيبْ، فقلت : سأتتبع الصوت بحذرْ ، وأرى اليقين من غير رد البصرْ ، لأعلم إن كان الصوت للجن أم للبشرْ ، لكن العجب العجيب العجابْ ، والأمر الذي يخرج الذات عن جادة الصوابْ ، ويترك النفس حبيسة في سجن الشك والإرتيابْ ، هو ما رأته عينايَ ، وما سمعته أذنايَ ، : ... مجموعة من الأرانب يحملون الأحجارْ ، ومجموعة أخرى من الثعالب عن اليسارْ ، يتراشقون الحجارة قبل طلوع شمس النهارْ ، َ!!! فأقبلت نحوهم بلا سابق إعلانْ ، وسألتهم ببراءة الأطفال والصبيانْ ، إن كانوا من الجن أم ممن مسخوا من بني الإنسانْ، ... فردوا بصوت غليظ واعدْ، وقالوا في صف واحدْ ، : << نحن حيوانات أنطقها اللهْ
، وإنا نناشدك الحكم بما أنزل اللهْ ، وعهد علينا أن نرضى بالحكم ولا نرفع الجباهْ ، >> ، فقلت لهم وقد إزدادت غربتي ، وابيضت من الخوف لحيتي ، : يا معشر الثعالب والأرانبْ ، قبل الحكم في هذا الخصام النـَّـاشِبْ ، حبذا لو إصطف كل واحد منكم في جانبْ ، وليلزم الصمت كل فريقْ ، حتى يسمع دوره في التحقيقْ ، وإلا فلن نصيب الحق في الطريقْ ، ... فأطرقوا جميعا بالرؤوسْ ، وأصبحت بينهم كالمهووسْ ، وأدركت حقا أنني أكبر متعوسْ ، لكنني جمعت همتي ، وأزلت البياض عن لحيتي ، وقلت لهم مزيحا عني كربتي ، فلتتكلموا يا معشر الأرانبْ ، واعلموا من غير تذكير الحاضر والغائبْ ، أن اللعنة كل اللعنة على الكاذبْ ، فأقبلت أمامي أرنب عجوزْ ، وقالت : << يا أيها الرجل المهموزْ ، ... حكايتي مع رهط الثعالبْ ، بدأت منذ القرن الهاربْ ، فلقد كنا نعيش في أمن واطمئنانْ ، وكانت أرضنا هذه تنبت الياقوت والمرجانْ ، فهي فضلا عن كونها مكانا للإستجمامْ ، تحمل آثارا تعود إلى ملايين الأعوامْ ، وكان كل يوم من الأيامْ ، يأتي إلى ديارنا ضيف من الكرامْ ، فيستجم في فرح ونشاطْ ، ويدخل إلى كل قصر وبلاطْ ، فلا يسمع لوما ولا عتابَـا ، وإنما يجد أخوة وترحابَا ، فأمسى الكرم عندنا معروفـَا ، وأضحى الجود بنوادينا موصوفـَا ، .... وحدث ذات مرَّهْ ، أن زارنا ثعلب ذي " مفـَـرَّهْ " ، فساومنا على الأرض والبلادْ ، وقدم لنا الذهب مقابل البيع والإبتعادْ ، فكانت " ألف لا " منا جوابْ ، وواعدنا على الرحيل ثم الإيَّابْ ، ... وعاد ومعه رهط من الأصحابْ ، فقابلناه لسماحتنا بالترحابْ ، ومر عام ولم يرحلْ ، وفي كل يوم كان عن طبيعة الأرض يسألْ ، فلما طال به المقامْ ، أخذ هو وجمع الثعالب اللئامْ ، ينقض على ذكورنا ونحن نيامْ ، فلما تنبهنا لأمرِهْ ، وعلمنا جليا خطورة مكرِهْ ، قاومناه بشِـدَّهْ ، وواجهناه بحدَّهْ ، فنادى بأعلى صوته رفقة الأصحابْ ، أن فليهبط كل ثعلب من أعلى الغابْ ، فقد مضى زمن الفبركـَـهْ ، وحان وقت المعركــَهْ ، ...فقدمنا الشهيد تلو الشهيدْ ، وعومل الأسير منا معاملة العبيدْ ، وتمت مصادرة أراضينا بالعصي والحديدْ ، ... وكان أن عوى ذئب بأعلى الجبلْ ، فقلنا هذا الذئب الذي بأرضنا قد نزلْ ، سنحتكم إليه بلا حروبْ ، لبراءته من دم يوسف ابن يعقوبْ ، فأشار علينا الذئب باقتسام الأرضْ ، حقنا للدماء وصونا للعرضْ ، فقبلنا خطة السلامْ ، وما درينا لجهلنا بالأيامْ ، ان الذئاب والثعالب من فصيلة واحدهْ ، والأيام على ذلك والله شاهدهْ ، ... وهكذا ياسيدي : ما بين ليلة وضحاهَا ، صار أسفل أرضي وأعلاهَا ، ملكا للذئاب والثعالبْ ، فمن يكون في صف الأرانبْ ، ... >> ، فلما انتهت الأرانب من تقديم الشكوَى ، أشرت إليها أني لا أريد منها لغوَا ، وقلت للثعالب وقد اتخذوا من الغمز والهمز لهوَا ، : أسِرّوا إلي النجوى وتكلمُّـوا ، واعلموا قبل أن تتقدُّموا ، أن الظالم بالحق عندي يهزمُ ، ... فما هي إلا لمحة من البصرْ ، حتى أخذ كل واحد منهم حفنة من الحجرْ ، والتفوا حولي بسرعة تفوق سرعة النظرْ ، فسمعت صوت أرنب العواقب قد بصرْ ، يجول الآفاق قائلا : الحذر الحذرْ ، ... فقلت لهم بعدما رأيت هول الخطرْ ، : يا معشر الثعالبْ ، ما هذا الأمر ذا الغرائبْ ، إن كانت طريقتي في الحكم تجعل الكل غاضبْ ، فأنا اليوم أو غدا ذاهبْ ، فلم هذا اللف والدوران عن اليمين واليسارْ ، ولماذا هذه الأيادي تحمل الأحجارْ ، ؟؟!! والله لو كنت أعلم الغدر من البدايهْ ، لما اخترت البقاء إلى النهايهْ ، وإني وأنتم تعلمونْ ، وأنتم الذين دعوتمونْ ، ما أريد إلا إصلاحا به تنعمونْ ، .... فما إن أنهيت كلامِي ، وطرحت ما عندي من الإستفهامِ ، بأسلوب الخائفين من اللئامِ ، حتى أقبل أمامي ثعلب أعورْ ، وكشر عن أنياب حادة تشبه الخنجرْ ، وقال بصوت يحاكي صوت الأسد حين يزأرْ ، << إعلم يا أيها الأهبل الأحمقْ ، أن القوة هي الحكم الأسبقْ ، والأرض أرضنا بالقوَّهْ ، أخذناها بالمكر والفتوَّهْ ، وكل من حاول الفصل بيننا دفنـَّـاه من غير حول ولا قوَّهْ ، والمثل يقول يا سيد " أخوَّهْ " ، من تدخل فيما لا يعنيهْ ، سمع ما لا يرضيهْ ، فإما أن ترحل جميلا مع التنويهْ ، وإما أنتدفن ذليلا مع التشويهْ ... >>.
... فوليت الدبر عائدا إلى الخيامْ ، وعاهدت نفسي بإحكامْ ، على عدم الفصل في أي خصام ْ ، ... وبينما أنا في طريق العودة والرجوعْ ، لفت انتباهي صوت ممزوج بنبرة البكاء والدموعْ ، يقول صاحبه وكأنه حاكم مخلوعْ ، : {{ يا أشباه الرجال ولا رجالْ ، تفرون من الخصام وأنتم في حلم وخيالْ ، فكيف سيكون بكم الحال إذا تغيرت الأحوالْ ، ونادت القضية أن هبوا للقتالْ ، فهل ستكون الأهبة والتكبير والتهليل جوابا للسؤالْ ،أم سيبقى أشباه الرجال أشباها ولا رجالْ ، ؟؟؟ }}، فتتبعت الصوت جيدًا ، وقلت لنفسي مؤكِّدًا ، هذا الصوت أعرفـُهُ ، وذاكرتي من زاوية المعرفة لا تصرفــُـهُ ، ، .. نعم .. نعم .. بلا إجماع ولا قياسْ ، هذا صوت زعيم حركة حماسْ ، الشيخ المصَدَّقْ ، والمجاهد المعوَّقْ ، لكن ما الذي أتى به من هناك إلى هنـَا ، وما الذي جعله يترك ساحة القنـَا ، ؟؟؟ ... فلم أزل أطرح السؤال المريرْ ، حتى وجدت نفسي ملقى على الأرض عوض السريرْ ، فعلمت انني كنت في خانات الرقودْ ، وأبنائي على ما أقول شهودْ ، فجودوا علي بالدرهم والدولار المعبودْ ، ورددوا معي بصوت عالٍ ومشهودْ ، خيبر خيبر يا يهودْ ، جيش محمد حتما سيعودْ ...** ""

10‏/02‏/2008

مقامة الحب المرير





حدثنا مفجوع الزمان الجوعاني ، وهو من ضحايا القمع المجاني ، فقال :كنت مارَّا على الشاطئ قرب البحــرِ ، فإذا أنا بشاب في مقتبل العمرِ ، يجلس مختبئا بين الصخرِ ، وبقربه فتاة ضمها على الصدرِ ، فأخذ يقبلها في غمرة من السرورْ ، وهي تبادله نفس الشعورْ ، فاقتربت بخطايا نحوهمــــــــــــــَا ، فعرفا أن بصري يرقبهمــَـا ، فجلسا سويا القرفصاءْ ، ونظرا مليا إلى السماءْ ، فبادرتهما بالسلامْ ، وقلت مفتتحا بأدب الكرامْ ، :
" لا خير في الدنيا إذا ذهب الحيــاء** إذا لم تستحي فاصنع ما تشـاء "
ـ يا بني : إن الدنيا حلوة خضِـرَهْ ، وإن العشق فيها أمر نكــرهْ ، والعرف بذلك جارِي ، والدين على ذلك سارِي ، والإختباء بين الصخرِ ، فعل في غاية السخرِ ، والله لكما مراقبْ ، وهو حتما عليكما غاضبْ ، ثم إعلم أن الحلال بيِّـــنْ ، والحرام بيِّـــنْ ، وكلاهما أمر ليــِّنْ ، فاتقي الله ذا الجلال والإكرامْ ، وابحث لنفسك عن الحلال بمنأى عن الحرامْ ، واظفر بذات الدين تربت يداكْ ، فهذي وصية نبيك ومولاكْ ....
فقال الشاب في أدبٍ ، وكله مني عجب في عجبٍ ، :
" نون الهوى من الهوان مسروقة **فإذا هويت فقد لقيت هوانــا "
ـ صدقت في قولك وإن لم تهوَى ، ولكل جواد كبوَهْ ، ... صدقت وإن كانت كلماتك ليس لها إلى قلبي فجوَهْ ، :
إن الأمر وما فيه أيها الشريفْ ، أنني أحببت والحب شريفْ ، لكنني وجدت نفسي على الرصيفْ ، معدوم الخبز والرغيفْ ، كثير الجراح والتعنيفْ ، وأنا مجاز وهي مجازهْ ، وحبي إلى قلبها ـ في الجامعة ـ مرَّ واجتازَ ، فلا ضرر و لا ضرارْ ، حين نختلي بين الصخر والأشجارْ ، ما دام الزواج لن يتم إلا بعد مشيب الأعمارْ ، وأنا أيها الشيخ الكهلْ ، صعب علي الحلال السهلْ ، في زمن يستهان فيه بالعقولْ ، وتعالج فيه القضايا بالكحولْ ، فإذا ما تكلمت عن الحق والمعقولْ ، فأنت إما قاتل وإما مقتولْ ، وقد ولت طبيعة عيش الر سولْ ، ومضى زمن الفاروق والسيف المسلولْ ، فصرتَ ترى العجب العجابْ ، لما تولى أمورنا شرار الذئابْ ، فهذي شركة " النجاةْ " ، بعنا لها الدم لنشتري الحياةْ ، فرحلت عنا دون أدنى التفاتْ ، وهيهات أن تعود هيهاتْ ، ومستحيل أن نرجع الذي ماتْ .
قال مفجوع الزمان الجوعاني : ... فوليت الدبر مقتنعا متخشــَّـــعَا ، وعاهدت نفسي ألا أكون في الحكم متسرِّعــَا ، حتى إذا ما اقتربت من باب الدارْ وجدت إبني يعانق ابنة الجارْ ، مع سبق الترصد والإصرارْ ، فقلت لنفسي موبخا نفسي في استنكارْ :
لا تنه عن خلق يآتيه إبنــــــكَ **وانصح من الناس من يقـْرُبُهُ سنــُّـــك َ
قد تـُهت حتى تاه عنك فــنــُّكَ **فالزمِ الصبر كي لا تـُفقـَدَ عينـُــــــــكَ

09‏/02‏/2008

مقامة الهجرة الســـريـــــة

مقامة الهجرة الســـريـــــة

حدثنا مفجوع الزمان الجوَعانِي ، وهو من ضحايا القمع المجـَّاني ، فقال : بينما أنا كالـْـعـَــادَة أتصفح الجَــرِيـدَهْ ، علـَّـني أجد فيها جملة مفيــــــدَهْ ، أو قصة من نوعها فريــــــــدَهْ ، إذا بي أقف على مقال عجــيــبْ ، وكأنه مكتوب بلسان أديــــــبْ ، يقول فيه صاحبــُــــهْ ، ولم أجد ما به أعاتبــُـــهْ ، إذ استكمل فيه شروط البــَــيــَـانْ ، وخاطب من خلاله ضمير الإنســَــانْ ، : <<< هل أتاك حديث المُــحْـتــَــارْ ، والليل عنده سواء والنهارْ ، إذ فكر في اختراق البحــارْ ، بعدما يئس من كل شعارْ ، فاختار الهجرة بعيدا عن الأنظارْ ، كي يبحث عن الفرنك والدولارْ ،
...... وهو يُـعِدّ ُ العدّة والأسفارْ ، ليستقبل بعينيه هول الأخطارْ ، وليمتطي في خفية قوارب النجارْ ...، فاجئته صفارة الإنذارْ ، وأدرك وهو بين الأشغال الحُــلـُـمِيـَّة يختارْ ، أن الشرطة أطبقت عليه الحصارْ ، وبعدما عجز عن كل أساليب الفرارْ ، قاده العميد مرغما إلى قسمهْ ، وهنالك سألوه عن إسمهْ ، عن نسبه وعن قومهْ ، وفجأة فصلوا الثياب عن جسمهْ ، وأخذوا بكي عظامه ولحمهْ ، بُغية زجره عن الهجرة وذمِّــهْ ، حتى إذا أطلقوا سراحه وهو يبكِـــي ، صار عن أحلامه المعدومة يحكِـــي ، ..... سألناه عن الهجرة وأسبابـِــــــــــــها ، والنفس وسر عذابـِــــــها ، والمغرب وفقدان شبابــِـــها ، فرد علينا بأدب أصيلْ ، وقال في نثر رائع وجميلْ ، : "" ذاك أمر في غاية السهولـَـــهْ ، وإن كانت الهجرة المهبولـَـــهْ ، لم تـُـكْتـَبْ عن أسبابها أية مقولــَــهْ ، فإني أقول وأنتم تسمعون ، والله المستعان على مايصفـــــونْ ، : ما الهجرة إلا حلم ثقيلْ ، به يحلم كل شاب جميلْ ، إحتار في أمورهْ ، واختلط الحزن بسرورهْ ، فالفقر دوما يداهمهْ ، والظالم دوما يحاكمهْ ، وفي فومه وعدسه وبصله يقاسمه ْ ، .... فتش عن الشغل الشريفْ ، الجالب للخبز والرغيفْ ، لكنه وجد الطريق إليه صعبة المنالْ ، خاصة إذا طـُــولِــبَ فيها الحلالْ ، فاصطف مع المعطلين أمام الأبوابْ ، وشارك مرغما في كل إضرابْ ، وبما أن الصمت والإرهابْ ، كان كل يوم هو الجوابْ ، لم يجد بُـدٌّا من الهجـــرَهْ ، ولو لمدة أو فتـــرَهْ ، فالهجرة وإن كانت قاسيَــهْ ، فهي عنده أرحم من نار حاميــَـهْ ، يُكتوى بها وبالعلانيــهْ ، ـ في دولة الحق والديموقراطيهْ ـ ، كل شاب طموح للحياة الصافيَــــــــــــــــــــــــــهْ ."" قال مفجوع الزمان الجوَعانِي : فأخذت من الجريدة رقم هاتفه المنقولْ ، واتصلت به لمعرفة من المسؤولْ ، عن كل ما حكاه بالقلب المعلولْ ، فإذا أنا بصوت فتي يقولْ : """ سوء التدبير يا أخي هوالمسؤولْ ، هو الذي يرمي بنا إلى المجهول ْ ، هو الذي يجعلني أقول ما أقولْ ، والحل لا بل كل الحلولْ ، هو أن نسير على درب المعقولْ ، والمعقول هو ما سأقولْ ، : ـ فلو أن الممسكين بزمام السلطــَـهْ ، إتبعوا الإخلاص لله في كل نقطهْ ، ولم يسرقونا في أية لقطهْ ، لوجدوا الحل عند الشعب الأبيّْ ، بل لوجدوه عند كل طفل وصبيّْ ، ولا تحسبن كلامي هذا خرافهْ ، أو مستملحة تعد بالظرافهْ ، بل هي يا سيدي الحقيقة المثلَــــــــــــى ، التي لا يمكن أن تصاغ في جملــهْ ، وما على المسؤولين الأبرارْ ، إلا أن يفتحوا أبواب الحوارْ ، أمام طابور الشباب المحتارْ ، ليعلموا إن هم أرادوا ـ كما يلوحون في كل شعارْ ـ ، الحفاظ على شعب مرصوص الجدارْ . ... هذا ما لدي والصلاة والسلام على طه المخـــــــتـــــارْ ."""